فصل: التحليل اللفظي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأيضًا، فكيف يكون الأب الذي جعله الله سببًا مباشرًا لوجودك وتأتي أنت لتردَّ هذه السببية، وتنقلها إلى غير صاحبها، وأنت حين تنكر النبوة السَّببية في أبيك فمن السهل عليك- إذن- أنْ تنكر المسبّب الذي خلق أولًا، ولمَ لا وقد تجرأت على إنكار الجميل.
وكذلك الذي ينكر البنوة السببية يتجرأ على أنْ ينسب الأشياء إلى غير أهلها، فينسب العبادة لغير مستحقها، وينسب الخَلْق لغير الخالق.
وإلا، فلماذا يحثُّنا الحق دائمًا على برّ الوالدين؟ ولماذا قرن بين عبادته سبحانه وبين الإحسان إلى الوالدين في أكثر من موضع من كتابه العزيز، فقال سبحانه: {واعبدوا الله وَلاَ تُشْركُوا به شَيْئًا وبالوالدين إحْسَانًا} [النساء: 36] وقال: {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إلاَّ إيَّاهُ وبالوالدين إحْسَانًا} [الإسراء: 23].
قالوا: لأن الأب هو سبب الوجود المباشر، فإذا لم تبره، وأنكرتَ أبوته وتمردْتَ عليها، فلعلَّك تتمرد أيضًا على سبب الوجود الأصلي، فالوالدان لهما حق البر والإحسان، حتى لو كانا كافرين.
لذلك، لما سُئل صلى الله عليه وسلم: أيسرق المؤمن؟ قال: نعم، أيزني المؤمن، قال: نعم، أيكذب المؤمن؟ قال: لا؟. فالشرع حين يضع للجريمة حَدًا وعقوبة، فهذا إيذان بأنها ستحدث في المجتمع المسلم، أما الكذب فلم يضع له الشارع حدًّا، مع أنه أشد من السرقة، أوعظم من الزنى، لماذا؟
قالوا: لأن المؤمن لا يُتصوَّر منه الكذب، ولا يجترئ هو عليه؛ لأنه إنْ عُرف عنه الكذب وقال أمامك: أشهد أنْ لا إله إلا الله يمكنك أنْ تقول له: أنت كاذب.
ثم يقول الحق سبحانه: {ذلكم} [الأحزاب: 4] أي: ما تقدَّم من جَعْل الزوجة أمًا، أو جَعْل الدَّعي ابنًا، فالزوجة لا تكون أبدًا أمًا؛ لأن الأم هي التي ولدتْ، كذلك لا يكون للولد إلا أب واحد {ذلكم قَوْلُكُم بأَفْوَاهكُمْ} [الأحزاب: 4] وهل يكون القول إلا بالأفواه؟ فماذا أضافتْ الأفواه هنا؟ قالوا: نعم، القول بالفم، لكن أصله في الفؤاد، وما اللسان إلا دليل على ما في الفؤاد، كما قال الشاعر:
إنَّ الكَلامَ لَفي الفُؤاد وَإنَّما ** جُعلَ اللسَانُ علَى الفُؤَاد دَليلًا

إذن: لابد أنْ يكون الكلام نسبة في القلب، منها تأتي النسبة الكلامية، فهل ما تقولونه له واقع، هل الزوجة تكون أمًا؟ وهل الولد الدعيُّ يكون ابنًا. فهذا كلام من مجرد الأفواه، لا رصيد له في القلب ولا في الواقع، فهو- إذن- باطل، أما الحق فما يقوله الحق سبحانه: {والله يَقُولُ الحق وَهُوَ يَهْدي السبيل} [الأحزاب: 4] والحق هو أن يكون المعتقد في القلب مطابقًا للكائن الواقع.
فالإنسان قد يتكلم بكلام استقر في قلبه حتى صار عقيدة عنده، وهو كلام غير صحيح، فحين يخبر بهذا الكلام لا يُسمَّى كاذبًا لأنه أخبر على وَفْق اعتقاده، مع أن الخبر كاذب، فهناك فَرْق بين كذب الخبر، وكذب المخبر.
فالحق سبحانه يعاملنا في الأمر المعتقد في القلب: إنْ كان له واقع، فهو صدْق في الخبر، وصدْق في المخبر، وإنْ كان المعتقد لا واقعَ له فهو كذب في الخبر، وصدق في المخبر.
إذن: الأمر المعتقد يكون حقًا، إنْ كان له واقع، ويكون كاذبًا إنْ لم يكُنْ له واقع، فإذا لم يكُنْ هنك اعتقاد في القلب أصلًا فهو مجرد كلام بالفم، وهذا أقل مرتبةً من القول الذي تعتقده وهو غير واقع.
فمعنى {والله يَقُولُ الحق} [الأحزاب: 4] أي: الواقع الذي يجب أنْ يعتقد، والإعجاز هنا ليس في أن الله تعالى يقول الحق الواقع بالفعل، إنما ويخبر بالشيء فيقع في المستقبل على وَفْق ما أخبر سبحانه.
واقرأ قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: 45].
فالحق سبحانه صادق حين يقول ما كان، ويصدق حين يقول ما سيكون.
والحق سبحانه حين يقول: {والله يَقُولُ الحق} [الأحزاب: 4] كأنه يقول: قارنوا بين قولين: قَوْل بالأفواه، وقول بالواقع والاعتقاد، وإذا كان قَوْل الله أقوى من الاعتقاد فقط فهو من باب أَوْلَى أقوى من القول بالأفواه فقط.
وقوله تعالى: {وَهُوَ يَهْدي السبيل} [الأحزاب: 4] يهدي السبيل إلى القول الحق.
ثم يقول الحق سبحانه: {ادعوهم لآبَآئهمْ هُوَ}.
معنى {ادعوهم لآبَآئهمْ} [الأحزاب: 5] يعني: قولوا: زيد بن حارثة، لكن كيف يُنزع من زيد هذا التاج وهذا الشرف الذي منحه له سيدنا رسول الله؟ نعم، هذا صعب على زيد- رضي الله عنه- لكنه {هُوَ أَقْسَطُ عندَ الله} [الأحزاب: 5] لا عندكم أنتم.
و{أَقْسَطُ} [الأحزاب: 5] أفعل تفضيل، نقول هذا قسْط وهذا أقسط، مثل عدل وأعدل، ومعنى ذلك أن الذي اختاره رسول الله من نسبة زيد إليه يُعَدُّ قسْطًا وعدلًا بشريًا، في أنه صلى الله عليه وسلم أحسَّ بالبنوة وصار أبًا لمن اختاره وفضَّله على أبيه.
لكن الحق سبحانه يريد لنا الأقسط، والاقسط أنْ ندعو الأبناء لآبائهم {فَإن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإخوَانُكُمْ في الدين وَمَوَاليكُمْ} [الأحزاب: 5] أي: نُعرّفهم بأنهم إخواننا في الدين.
ومعنى الموالي: الخدم والنصراء الذين كانوا يقولون لهم العبيد، فالولد الذي لا نعرف له أبًا هو أخ لك في الله تختار له اسمًا عامًا، فنقول مثلًا في زيد: زيد بن عبد الله، وكلنا عبيد الله تعالى.
والبنوة تثبت بأمرين: بالعقل وبالشرع، فالرجل الذي يتزوج زواجًا شرعيًا، وينجب ولدًا، فهو ابنه كونًا وشرعًا، فإذا زَنَت المرأة- والعياذ بالله- على فراش زوجها، فالولد ابن الزوج شَرْعًَا لا كونًا؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: الولد للفراش، وللعاهر الحَجَر.
كذلك في حالة الزوجة التي تتزوج مرة أخرى بعد وفاة زوجها أو بعد طلاقها، لكنها تنجب لستة أشهر، فتقوم هنا شبهة أن يكون الولد للزوج الأول، لذلك يُعَدُّ ابنًا شَرْعًا لا كونًا؛ لأنه وُلد على فراشه.
فإن جاء الولد من الزنا- والعياذ بالله- في غير فراش الزوجية فهو ابنه كونًا لا شرعًا؛ لذلك نقول عنه ابن غير شرعي.
كما أن في قوله تعالى: {هُوَ أَقْسَطُ عندَ الله} [الأحزاب: 5] تشريفًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فلو قال تعالى: هو قسْط لكان عمل النبي إذن جَوْرًا وظلمًا، لكن أقسط تعني: أن عمل النبي قسْط وعَدْل.
وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فيمَآ أَخْطَأْتُمْ به ولكن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] يُخْرجنا من حرج كبير في هذه المسألة، فكثيرًا ما نسمع وما نقول لغير أبنائنا: يا بني على سبيل العطف والتودد، ونقول لكبار السن: يا أبي فلان احترامًا لهم.
فالحق سبحانه يحتاط لنا ويُعفينا من الحرج والإثم، لأننا نقول هذه الكلمات لا نقصد الأُبوّة ولا البنوة الحقيقية، إنما نقصد تعظيمَ الكبار وتوقيرهم، والعطف والتحنُّن للصغار، فليس عليكم إثْمٌ ولا ذَنْبٌ في هذه المسألة، إنْ أخطأتم فيها، والخطأ هو ألاَّ تذهب إلى الصواب، لكن عن غير عَمْد.
وإذا كان ربنا- تبارك وتعالى- قد رفع عنا الحرج، وسمح لنا باللغو حتى في الحلف بذاته سبحانه، فقال: {لاَ يُؤَاخذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانكُمْ ولكن يُؤَاخذُكُم بمَا عَقَّدتُّمُ الأيمان} [المائدة: 89] فكيف لا يُعفينا من الخرج في هذه المسألة؟
ثم يقول سبحانه: {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحيمًا} [الأحزاب: 5] سبق أنْ قُلْنا: أن الفعل إذا أُسْند إلى الحق سبحانه انحلَّ عنه الزمن، فليس مع الله تعالى زمن ماض، وحاضر ومستقبل، وهو سبحانه خالق الزمن.
لذلك نقول: {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحيمًا} [الأحزاب: 5] يعني: كان ولا يزال غفورًا رحيمًا؛ لأن الاختلاف في زمن الحدث إنما ينشأ من صاحب الأغيار، والحق سبحانه لا يطرأ عليه تغيير.
لذلك نخاف نحن من صاحب الأغيار لأنه مُتقلّب، ويقول أهل المعرفة: تغَّيروا من أجل ربكم- يعني: من الانحراف إلى الاستقامة- لأن الله لا يتغير من أجلكم، أنت تتغير من أجل الله، لكن الله لا يتغير من أجل أحد، وما دام الحق سبحانه كان غفورًا رحيمًا، وهو سبحانه لا يتغير، فبالتالي سيبقى سبحانه غفورًا رحيمًا.
وتلحظ في أسلوب القرآن أنه يقرن دائمًا بين هذين الوصفين غفور ورحيم؛ لأن الغفر سَلْب عقوبة الذنب، والرحمة مجيء إحسان جديد بعد الذنب الذي غُفر، كأن تُمسك في بيتك لصًا يسرق، فلك أنْ تذهب به للشرطة، ولك أن تعفو عنه وتتركه ينصرف إلى حال سبيله، وتستر عليه، وبيدك أنْ تساعده بما تقدر عليه ليستعين به على الحياة، وهذه رحمة به وإحسان إليه بعد المغفرة.
وقد عُولجَتْ هذه المسألة في قوله تعالى: {وَإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقبُوا بمثْل مَا عُوقبْتُمْ به} [النحل: 126] وهذا التوجيه يضع لنا أول أساس من أسس المغفرة؛ لأنك لا تستطيع أبدًا تقرير هذه المثلية، ولا تضمن أبدًا إذا عاقبتَ أنْ تعاقب بالمثل، ولا تعتدي؛ لذلك تلجأ إلى جانب المغفرة، لكي لا تُدخل نفسك في متاهة اعتداء جديد، يُوجب القصاص منك.
وسبق أنْ حكْينا قصة المرابي الذي اشترط على مدينه إذا لم يسدّد ما عليه في الوقت المحدد أن يأخذ رطلًا من لحمه، فلما تأخر اشتكاه المرابي عند القاضي، وذكر ما كان بينهما من شروط، فأقرَّه القاضي على شرطه، لكن ألهمه الله أنْ يقول للمرابي: نعم خُذْ رطلًا من لحمه، لكن بضربة واحدة، فإنْ زدْتَ عنها أو نقصْتَ وفَّيناها من لحمك أنت، عندها تراجع المرابي، وتنازل عن شَرْطه.
إذن: أجاز لك الشرع القصاصَ بالمثل ليجعل هذه المرحلة صعبة التنفيذ، ثم يفتح لك الحق سبحانه باب العفو والصفح في المرحلة الثانية: {وَإن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفرُوا فَإنَّ الله غَفُورٌ رَّحيمٌ} [التغابن: 14].
ثم يُفسرها بحيثية أخرى، فيقول سبحانه: {والكاظمين الغيظ والعافين عَن الناس والله يُحبُّ المحسنين} [آل عمران: 134].
ومعنى كظم الغيظ أنني لم أنفعل انفعالًا غضبيًا ينتج عنه ردّ فعل انتقامي، وجعلتُ غضبي في قلبي، وكظمتُه في نفسي، وهذه المرحلة الأولى، أما الثانية فتُخرج ما في نفسك من غَيْظ وغضب وتتسامح وتعفو.
ثم المرحلة الثالثة أنْ ترتقي إلى مرتبة الإحسان، فتُحسن إلى مَنْ أساء إليك، وهذه رحمة، والرحمة؛ أنْ يميل الإنسان بالإحسان لعاجز عنه، فإنْ كان الأمر بعكس ذلك فلا تُسمَّى رحمة، كأن يميلَ العبدُ بإحسان إلى سيده.
هذه صور أتتْ فيها الرحمة بعد المغفرة، وهذا هو الأصل في المسألة، وقد تأتي الرحمة قبل المغفرة، كأنْ تُمسك باللص الذي يسرق فتشعر أنه مُكْره على ذلك، وليس عليه أمارات الإجرام، فيرقّ له قلبك، وتمتد يدك إليه بالمساعدة، ثم تطلق سراحه، وتعفو عنه، فالرحمة هنا أولًا وتبعتها المغفرة.
بعد ذلك لقائل أنْ يقول: ما موقف زيد بعد أنْ أبطل الله تعالى التبني، فصار زيدَ بن حارثة بعد أنْ كان زيد بن محمد؟ وكيف به بعد أنْ سُلب هذه النعمة وحُرم هذا الشرف؟ أضفْ إلى ذلك ما يلاقيه من عنتَ المرجفين، وألسنة الذين يُوغرون صدره، ويُوقعون بينه وبين رسول الله، وهو الذي اختاره على أبيه.
لا شكَّ أن الجرعة الإيمانية التي تسلَّح بها زيد جعلتْه فوق هذا كله، فقد تشرَّب قلبه حبّ رسول الله، ووقر في نفسه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمنٍ وَلاَ مُؤْمنَةٍ إذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة منْ أَمْرهمْ} [الأحزاب: 36].
ثم تأتي الآيات لتوضح للناس: لستم أحنَّ على زيد من محمد، لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم أوْلى بالمؤمنين جميعًا من أنفسهم، لا بزيد وحده. اهـ.

.قال الصابوني في الآيات السابقة:

{يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما (1)}.
سورة الأحزاب:
التبني في الجاهلية والإسلام:

.التحليل اللفظي:

{اتق الله} أي أثبت على تقوى الله ودم عليها، والتقوى لفظ جامع يراد منه فعل كل خير، واجتناب كل شر، وأصله من الوقاية بمعنى الحفظ والصيانة.
قال في اللسان: التقوى، والإتقاء، والتقاة، والتقية كله واحد، ورجل تقي: معناه يقي نفسه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح.
قال ابن الوردي:
واتق الله فتقوى الله ما ** جاورت قلب امرئ إلا وصل

ليس كم يقطع طرقا بطلا ** إنما من يتق الله البطل

{الكافرين} جمع كافر، وهو الجاحد لنعم الله، مشتق من الكفر وهو الستر، وكل من ستر شيئا فقد كفره، ولهذا يسمى الزارع كافرا لأنه يستر الحب في الأرض ومنه قوله تعالى: {كمثل غيث أعجب الكفار نباته} [الحديد: 20] أي أعجب الزراع. ويسمى الليل كافرا لأنه يستر بظلامه الأشياء.
وفي الصحاح: والكافر: الليل المظلم لأنه يستر بظلمته كل شيء، وكفر النعمة جحدها.
وقال الجوهري: ومن ذلك سمي الكافر كافرا لأنه ستر نعم الله عز وجل، ونعمه آياته الدالة على توحيده.
قال بعض العلماء: الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار وهو أن لا يعرف الله أصلا، ولا يعترف به، ويكفر بقلبه ولسانه.
وكفر جحود وهو أن يعترف بقلبه ولا يقر بلسانه، ككفر إبليس، وكفر أهل الكتاب {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} [البقرة: 89].
وكفر عناد وهو: أن يعترف بقلبه، ويقر بلسانه ولا يدين به حسدا وبغيا ككفر أبي جهل وأضرابه.
وكفر نفاق وهو: أن يقر بلسانه ويكفر بقلبه فلا يعتقد بما يقول وهو فعل المنافقين.
{والمنافقين} جمع منافق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، مشتق من النفق وهو سرب في الأرض، والنافقاء: جحر الضب واليربوع، قال أبو عبيد: سمي المنافق منافقا للنفق وهو السرب في الأرض، وقيل: إنما سمي منافقا لأنه نافق كاليربوع وهو دخوله نافقاءه. فإذا طلب خرج من القاصعاء، فهو يدخل من النافقاء ويخرج من القاصعاء أو بالعكس، وهكذا يفعل المنافق يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.
وقال في اللسان: وقد تكرر في الحديث ذكر النفاق، وهو اسم اسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفا.
{وكيلا} الوكيل: الحافظ، الكفيل بأرزاق العباد، والمتوكل على الله: الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره، فيركن إليه وحده، ولا يتوكل على غيره، وفي التنزيل: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58] وتوكل بالأمر إذا ضمن القيام به. والتوكل: اللجوء والاعتماد يقال: وكلت أمري إلى فلان أن ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3].
والمعنى: اعتمد على الله والجأ إليه، وكفى به حافظا وكفيلا.
قال أبو السعود: {وتوكل على الله} أي فوض جميع أمورك إليه {وكفى بالله وكيلا} أي حافظا موكلا إليه كل الأمور.